إنهاك القرار Decision Fatigue - أقرأ 24

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إنهاك القرار Decision Fatigue - أقرأ 24, اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 12:52 صباحاً


في عالم تتزايد فيه الخيارات يتحول التفكير إلى عملية استنزاف من أبسط الاختيارات كوجبة أو مشروب إلى أعقدها مثل رسم السياسات الاقتصادية وأخذ القرارات المصيرية، يواجه الإنسان ظاهرة نفسية وفكرية تعرف بإنهاك القرار، وهي حالة يفقد فيها العقل قدرته على تقييم البدائل بوضوح، مما يترك الفرد في حالة من الإرهاق والتردد وربما اللامبالاة، والتي سأتناولها من ثلاثة أبعاد.

من البعد النفسي، فإن العقل يتوه بين التركيز وانعدامه، وتشير الدراسات النفسية إلى أن الإنسان يمتلك طاقة ذهنية محدودة يوميا، تستنزف مع كل قرار يتخذه. ومع تراكم القرارات يصبح الدماغ أكثر ميلا لاتخاذ قرارات مندفعة للانتهاء بسرعة أو العكس تجنب القرار أو تأجيله؛ ومن الملاحظ أن كلا النتيجتين تقودان للضغط النفسي والشعور بفقدان السيطرة.

فالأشخاص المسؤولون المعول عليهم البت في أمور مصيرية يتعرضون لقرارات متتالية غالبا ما تظهر عليهم علامات الإجهاد، من عصبية أو ضعف تركيز، وهو ما ينعكس على جودة عملهم وصحتهم النفسية.

ومن ناحية البعد الفكري، فإن وفرة الخيارات ليست دائما تبدو حرية، وذلك حينما ينشأ فكريا ما يسمى بـ»مفارقة الاختيار» والتي تخلق ضغطا داخليا ناتجا عن الخوف من فقدان الخيار الأفضل أو الإحساس بالندم بعد اتخاذ القرار أو تضخيم أهمية كل تفصيلة صغيرة في المفاضلة. وهذا الإرباك الفكري يجعل من عملية اتخاذ القرار أكثر استنزافا للقدرات التحليلية، مما يدفع البعض إلى رفض الحسم.

ومن البعد الإداري، في تحديات القيادة وصناعة القرار في عالم الإدارة والأعمال، لا ينظر لاتخاذ القرار باعتباره فعلا فرديا فحسب، بل مسؤولية تؤثر على فرق العمل والمنظمة بأكملها.

فالتنفيذيون الذين يواجهون عشرات القرارات يوميا من الاستراتيجيات الكبرى إلى التفاصيل التشغيلية هم أكثر عرضة للإنهاك، مما يؤدي لضعف جودة التخطيط على المدى البعيد أو أن القرارات تصبح متناقضة أو متقلبة أو أنها تسحب الثقة من فرق العمل.

في الفلسفة الحديثة لعلم النفس الإداري والتنظيمي يرى الباحثون أن عقل القائد مورد ينبغي إدارته بحكمة، ويحتاج حلولا عملية للتقليل من إنهاك القرار واستراتيجيات فعالة كالتالي:

  • ترتيب الأولويات من حيث تحديد القرارات الأكثر تأثيرا وإنجازها في ساعات الذروة الذهنية من الصباح الباكر.
  • تقليل الضغط الفكري على بعض الخيارات اليومية البسيطة لتوفير الطاقة الذهنية.
  • التفويض الذكي بتوزيع القرارات الثانوية على فرق العمل الموثوقة.
  • التوقف والاستراحة، فالدماغ بحاجة لفترات استعادة للطاقة، سواء عبر التأمل أو المشي، أو ممارسة الرياضة.
  • استخدام التكنولوجيا والاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي والأنظمة التحليلية للمساعدة في تقليل التعقيد.
  • بناء الثقة مع فرق العمل يقلل من الضغط على صاحب القرار.
إنهاك القرار ليس مجرد ظاهرة نفسية عابرة، بل قضية تؤثر على جودة حياة الأفراد وكفاءة المنظمات. في زمن تفيض فيه المعلومات وتتضاعف الخيارات، يصبح التحدي الحقيقي ليس في كثرة البدائل، بل في إدارة الطاقة الذهنية بحكمة للقدرة على الحسم بأقل جهد وأوفر مالا في الزمان والمكان المناسبين.

Yos123Omar@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق