ظاهرة الدكتوراه... شهادة بلا جدوى - أقرأ 24

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ظاهرة الدكتوراه... شهادة بلا جدوى - أقرأ 24, اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 12:52 صباحاً

يوجد عدد ملحوظ من حملة شهادة الدكتوراه يعملون موظفين أو مستشارين (معارين من جامعات) في الجهات الحكومية والشركات؛ الأمر الذي أصبح يشكل بالنسبة لي "ظاهرة"، والواقع أن ليس كل شهادة دكتوراه تحمل القيمة العلمية نفسها؛ فبعض الجامعات ضعيفة أكاديميا وتمنح درجات بسهولة ولا تطلب نشرا علميا كشرط للتخرج، ولكن الإشكالية هي غياب الرأي العام؛ فالكثير لا يميز بين من حصل عليها من جامعات يشار لها بالبنان أو جامعات ضعيفة أو غير معترف بها، ومن له رصيد بحثي وعلمي بمجهودات قيادية، أو من لم ينشر بحثا علميا مسبقا وحصل على الشهادة بشكل صوري وكان جل هدفه حصوله على المكانة الاجتماعية فقط والتباهي بحرف "د" قبل الاسم وليس البحث أو خدمة المجتمع. الأمر الثاني أن الكثير ممن يأخذون الشهادة يعملون أعمالا إدارية (سكرتارية) لا تتطلب خلفيتهم الدراسية؛ فلا يترجم صاحب الشهادة ما تعلمه إلى عمل أو إبداع أو إنتاج معرفة.

بعض الأشخاص ينظرون لشهادة الدكتوراه على أنها مجرد لقب اجتماعي أو وسيلة وجاهة، فكلمة "دكتور" أصبحت لقبا اجتماعيا أكثر من كونها صفة أكاديمية مرتبطة بالبحث العلمي والإنجاز، بغض النظر عن قيمتها العلمية، في حين أن برامج الدكتوراه تركز على تعلم وإتقان المهارات الرئيسية المتعلقة بالبحث العلمي، بما في ذلك التدريب العميق على التحليل والنقد والإضافة العلمية على المجال؛ وبالتالي تأهيل كامل لشخص يستطيع نقل المعرفة وتطويرها، لا مجرد شخص يحمل لقبا. يذكر لي زميل أنه يدرس دكتوراه في جامعة دون المستوى ولم يكن يرغب في إكمال الدراسة، ولكنه يرى أن الناس تعطيه مصداقية واهتماما أكثر بما يقوم أو يقول إذا أكمل الدراسة وحصل على شهادة الدكتوراه، وكل هذه الأمور ينتج عنها آثار مؤسفة وهدر للموارد. قصة أخرى، شخص يلقب شخصا آخر بالدكتور فلان حتى توفي، وإذا به لم يكمل شهادة البكالوريوس، فلما استفسرت منه قال لي: هذا تكريم له لحبه لمجال الابتكار!

من هذا المنطلق أقترح التالي:
أولا: تعزيز الاعتراف بالجامعات المرموقة فقط حتى لا يكون هناك مجال للتباهي بشهادات ضعيفة، وتفعيل جهات الاعتماد بحيث تتابع جودة البرامج الأكاديمية، وتمنع الجهات التجارية من منح شهادات شكلية، ويجب عدم الاعتراف بمن حصل على مثل هذه الشهادات الهزيلة.

ثانيا: يجب تعزيز ثقافة تمييز الباحثين من خلال إنتاجهم العلمي كباحث أول أو رئيسي، والمشاريع التي قادوها، وأن تركز الجهات على إنجازاتهم بدلا من مجرد الألقاب.

ثالثا: يجب وضع خريطة وطنية للتخصصات المطلوبة حسب أولويات واحتياجات الدولة للتنمية والصناعة، وربطها بمشاريع تنموية كبرى، كما ينبغي تشجيع المبتعثين على البحث التطبيقي وريادة الأعمال بدلا من حصرهم في مجالات غير مفيدة، حيث إن الكثير من المبتعثين لنيل الدكتوراه هم في تخصصات نظرية أو متشابهة، بينما هناك نقص في التخصصات العلمية والتقنية المتقدمة.

رابعا: من المهم كذلك متابعة ما بعد العودة؛ من خلال تقييم أثر الابتعاث على الاقتصاد أو التعليم.

أخيرا: يجب نشر الوعي بأن الدكتوراه ليست لقبا للتفاخر، بل مسؤولية علمية وبحثية، ومن هذا المنطلق أقول إن اللقب قد يمنح بسهولة، لكن القيمة الحقيقية تبنى بالبحث والإنجاز؛ ولذلك يجب تسليط الضوء على أن "الدكتور الحقيقي" هو من استخدم شهادته لخدمة المجتمع والبحث لا بمجرد الشهادة التي يحملها؛ حتى تكون الصورة الإيجابية هي السائدة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق