شرطة دبي توظف الذكاء الاصطناعي لإحباط جرائم العملات المزورة - أقرأ 24

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تُعدُّ جريمة تزوير العملة من أخطر الجرائم التي تهدد استقرار الاقتصاد الوطني وتضر بثقة المواطنين في النظام المالي ومع التقدم التكنولوجي وظهور وسائل التزوير الحديثة، تواجه الجهات الأمنية تحديات متزايدة في مكافحة هذه الظاهرة، التي تؤثر سلباً في قيمة العملة الوطنية وتخلق مناخاً غير آمن في التعاملات المالية.

لمواجهة هذه الجريمة المنظمة التي تتطلب تعاوناً وثيقاً بين الأجهزة الأمنية والقضائية والتقنية، اعتمدت القيادة العامة لشرطة دبي على أنظمة ذكاء اصطناعي وتحليلات رقمية متقدمة وتقنيات متطورة وخطط استباقية لإحباط هذه الجرائم وفي هذا التحقيق، تسلِّط «الخليج» الضوء على بعض أبرز هذه العمليات وطرق اكتشافها والإجراءات المتخذة لمكافحتها.

جلب الأموال


تعاملت شرطة دبي مع أكثر من واقعة للترويج للعملات المزيفة، إحداها تورط فيها شخص من جنسية آسيوية، حيث قام بإعطاء شخص مبلغ من المال نظير شراء سيارته وبعد ذلك يكتشف صاحب السيارة أن الأموال مزورة وفي واقعه أخرى لجأت عصابة مكونة من ثلاثة أشخاص، إلى جلب الأموال المزيفة من خارج الدولة ومحاولة استبدالها بعملات أجنبية عبر شركات الصرافة.
وفي واقعه ثالثة كشفت التحقيقات عن عدة قضايا متعلقة بتزوير العملات، من بينها ضبط زائر آسيوي (56 عاماً) في أحد المطارات بحوزته عملات ورقية أجنبية مزورة تبلغ قيمتها 185 ألف درهم وكان ينوي التعامل بها برغم علمه بتزييفها ولكن الشرطة كانت له بالمرصاد.
ومؤخراً، قامت إدارة التحقيق الاتحادي بوزارة الداخلية، من الإيقاع بتشكيل عصابي من جنسيات عربية، ضبطت بحوزتهم عملات أجنبية مزيفة بقيمة 7.5 مليون دولار أمريكي، كانوا يخططون لترويجها داخل الدولة.
وبرغم أن العصابات في مثل هذه العمليات تستخدم وسائل احتيالية متطورة، لكن يقظة فرق التحريات في شرطة دبي وتعاون شركات الصرافة والبنوك، يسهم في الإيقاع بهؤلاء المحتالين قبل نجاح مخططاتهم، كما تُجري حملات توعية مستمرة لتعريف الجمهور بطرق التحقق من العملات الأصلية، مما يعزز مناعة السوق المالية في الدولة ضد مثل هذه الجرائم.

الناحية الاقتصادية


يشير الخبير الاقتصادي محمد عادل، إلى أن 70% من حالات تزوير العملات يمكن اكتشافها من خلال الفحص بالنظر، سواء باستخدام العدسات المكبرة، أو من ملمس الورقة النقدية، ويوضح أن الصرافين المحترفين لديهم قدرة على تمييز النقود المزورة بمجرد لمسها، وإذا اشتبهوا في عملة معينة، يلجؤون إلى فحص العلامات الأمنية أو التحقق من البنك المركزي.
فيما تقول الخبيرة المصرفية، عواطف الهرمودي: إن معايير العملة الورقية من العلامات الأمنية الحديثة التي تم إضافتها إلى الأوراق النقدية المتداولة كخطوة نوعية تعكس الحرص على مواكبة التطورات العالمية في مجال طباعة العملات وتأمينها، لافتة إلى أن تزوير العملات في العصر الرقمي، يمثل تحديات جديدة، لكن التداول بالعملات الرقمية والإلكترونية خفض التعامل بالعملات الورقية، مما أدى إلى خفض عمليات التزوير، داعية إلى ضرورة تشديد إجراءات المعاملات المالية لضمان عدم تداول عملات مزيفة. فيما يقول الخبير المالي حسن خليل: إن تصاعد الجرائم الاقتصادية، بما في ذلك تزوير العملات، يمثل تهديداً خطِراً لاستقرار الاقتصاد الوطني ويضعف ثقة المواطنين في العملة الرسمية وأكد أن الجهات الأمنية تعمل بجهد لحماية النظام المالي من هذه الجرائم عبر تتبع مصادر العملات المزورة، بدءاً من تصنيعها وتوزيعها وصولاً إلى شبكات التسويق التي تروج لها.

أحدث التقنيات


أكَّد العقيد الدكتور علي خليفة الفلاسي، رئيس قسم فحص المستندات بالإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة، أن شرطة دبي تستخدم أحدث التقنيات لمكافحة التزوير ومنها أجهزة متطورة تعمل بالأشعة المنظورة وغير المنظورة، إضافة إلى الميكروسكوب الرقمي، وأشاد بجهود الفرق المتخصصة في الكشف عن عمليات التزوير والحد منها، داعياً الجمهور إلى التعاون والتبليغ عن أي نشاط مشبوه.
من جانبه، أوضح الخبير أول حازم حسن السيد، أن معظم حالات التزييف تُنفَّذ عبر ماكينات النسخ الإلكترونية الملونة والطابعات الحديثة، التي يمكن كشفها بالعدسات المكبرة أو بالتحليل الطيفي المتقدم، مثل جهاز (VSC8000) الذي يوفر دقة عالية في رصد التزوير.
وأكدت خبيرة فحص المستندات في شرطة دبي، منى سالم السويدي، أن القسم يضم نخبة من الخبراء القادرين على كشف التزوير بالنظرة الأولى، مشيرة إلى وجود دورات متخصصة في كشف العملات المزيفة ومضاهاة التواقيع والخطوط ونصحت الجمهور بتوخي الحذر عند التعامل بالنقد والتأكد من وجود العلامات الأمنية مثل سلك الضمان والعلامة المائية والطباعة البارزة، إضافة إلى الهولوجرام ثلاثي الأبعاد.

الناحية القانونية


أشار المحامي بدر عبد الله خميس، إلى أن التزوير في العملة يعد تغييراً للحقيقة، سواء بإضافة أو حذف، أو تعديل البيانات النقدية الأصلية ووفقاً للمادة 204 من قانون العقوبات الاتحادي، يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت، إضافة لغرامة لا تقل عن 200 ألف درهم، كل من قلد أو زيف أو زور عملة متداولة قانوناً داخل الدولة أو خارجها، كما يعاقب القانون كل من أدخل أو أخرج عملات مزيفة من وإلى الدولة، أو قام بترويجها أو التعامل بها مع علمه بتزويرها.
وأكَّد على أن هذه التشديدات تأتي لحماية الاقتصاد الوطني، إذ إن انتشار العملات المزيفة يؤدي إلى زعزعة الثقة في النظام المالي وإلحاق الضرر بالمؤسسات المصرفية وخلق أزمات اقتصادية قد تؤثر في الاستثمارات والتجارة الداخلية والخارجية، لذلك، تعمل السلطات الإماراتية، ممثلة بشرطة دبي والجهات الأمنية المختصة، على مكافحة مثل هذه الجرائم عبر تقنيات متقدمة والتعاون الدولي في تعقب العصابات الإجرامية التي تحاول التلاعب بالنظام المالي.

الناحية الاجتماعية


تقول الاختصاصية الاجتماعية ابتسام عادل: لا تقتصر أضرار تزوير العملات على الاقتصاد فحسب، بل تمتد إلى التأثير في الاستقرار الاجتماعي والثقة بين الأفراد والمؤسسات المالية، حيث يؤدي انتشار العملات المزورة إلى خلق حالة من الريبة والخوف في التعاملات النقدية، مما يدفع الأفراد إلى التحقق المستمر من الأموال التي يتعاملون بها ويؤثر ذلك في سرعة ومرونة المعاملات التجارية اليومية. وأوضحت أن تورط بعض الأفراد، عن قصد أو غير قصد، في تداول العملات المزورة قد يعرضهم لمشاكل قانونية، حيث قد يجدون أنفسهم متهمين بحيازة أو ترويج عملات مزيفة دون علمهم بحقيقتها وهذا يخلق بيئة غير آمنة تدفع البعض إلى تجنب التعامل بالنقد، مما يزيد من الاعتماد على المعاملات الرقمية كوسيلة أكثر أماناً.
فيما طالب الخبير الاجتماعي حازم مندور، الجهات المختصة بضرورة توعية المجتمع بمخاطر العملات المزورة وتعزيز الثقافة المالية بين الأفراد وذلك بتنظيم حملات توعوية وورش عمل حول كيفية اكتشاف التزوير، مما يسهم في حماية المجتمع من الوقوع ضحية لهذه الجرائم.

الناحية النفسية


يقول الدكتور طلعت مطر استشاري الطب النفسي: إن جرائم تزوير العملات لا تقتصر على الخسائر المادية فقط، بل تمتد لتؤثر نفسياً على الأفراد والمجتمع ككل، حيث يؤدي انتشار العملات المزورة إلى إثارة مشاعر القلق والتوتر بين المواطنين، خاصة أولئك الذين يتعاملون بشكل مباشر مع الأموال، مثل أصحاب المحال التجارية والصرافين والمستهلكين
ولفت إلى شعور الكثيرون بالخوف من الوقوع ضحية لعملية احتيال، كما أن تعرض شخص لخسائر نتيجة استلامه عملة مزيفة قد يولد لديه حالة من الإحباط والشك المستمر في كل معاملة مالية يقوم بها. أكدت شرطة دبي، أن التورّط في عمليات تزييف العملات بكافة أشكالها، لغرض الحيازة أو الترويج تحقيقاً للكسب غير المشروع، يُعد جريمة خطِرة يعاقب عليها القانون باعتبارها تمس الاقتصاد الوطني، وتزعزع الثقة المالية في الأسواق المالية الداخلية والخارجية.

أخبار ذات صلة

0 تعليق